"الخلافة" المعاصرة بين "ربيعين"

لم تأت الحركات الإسلامية المعاصرة مع كل ما تحمله من فكر جهادي من فراغ، بل هي أشبه بسلسة ممتدة من يومنا هذا رجوعًا إلى بدايات تجذرها في ثمانينيات القرن الماضي. تتبع هذه المقالة تاريخ هذه السلسة وتشعباتها المختلفة والخلافات التي لطالما نشأت بين فروعها من أفغانستان إلى السودان فالعراق وسوريا.

لعلّ أكثر ما يميز الحركات الإسلامية المعاصرة أنها "لم تبنِ على فراغ"، بل استفاد بعضها من تجارب بعض، حتى بدا نشاطها أشبه بسلسلة ممتدة لا تلوح لها نهاية. ورغم أن الخلافات كثيرًا ما تفجرت بين جماعة وأخرى، ووصلت حدّ التصفية في صراعات وجود، فإنّ الجذور العقائدية، والغايات النهائية تكاد تكون مشتركة بين مختلف تنظيمات "الإسلام الحركي" ولو في صيغ وتسميات مختلفة. الأهم – ربما – أن كثيرًا من "الجهاديين" هم "أصحاب قضية"، وبغض النظر عن طبيعتها فهم شديدو الإخلاص لها. لقد تعامل كثير من الإعلام والدارسين مع "الجهاديين" بوصفهم مجرّد غوغاء، أو مرتزقة، والواقع أنّ تركيبة المشهد الجهادي معقّدة إلى الحدّ الذي يصعب معه وضع "بروفايل" تعريفي موحّد لعناصره. بشكل عام يمكن التمييز بين نوعين من "الجهاديين": "مقاتلٌ مؤقت" وهذا في كثير من الحالات وجد نفسه مضطرًّا، أو اعتقد أنه مضطر للانضواء في صفوف هذه الجماعة أو تلك (لأسباب اقتصادية، أو ظرفية، أو انتقامية، أو طمعًا في النفوذ.. إلخ)، و"مقاتل العقيدة" وهذا لا يقاتل كي يعيش، بل يعيش كي "يجاهد"، و"يجاهد كي يستشهد فيفوز فوزًا عظيمًا" على ما أكده لي "قيادي شرعيٌّ" في "جبهة النصرة" منذ أعوام أثناء دردشة إلكترونية، وقد نقل لي مصدر طبي ميداني قبل سنوات شهادة موثوقة عن موقف "أذهله"، وخلاصته أنه شاهد مقاتلًا شيشانيًّا مصابًاً في كتفه يبكي بحرقة ويشير إلى موضع قلبه قائلًا: "كنت أريدها ها هُنا". لقد نهض حلم "استعادة الخلافة" على بنية عقائدية صلبة، غذتها "أمجاد ماضٍ" يتغنّى به الجميع بمختلف الوسائل والأدوات بما في ذلك بعض المناهج الدراسية، وتعهدتها تيارات فكرية بالرعاية اللازمة، وزاد من ازدهارها عوامل ظرفية عديدة تدور في فلك الفساد، والاستبداد، فضلًا عن مظلوميات محقة، وأخرى مخترعة، أو مُتخيّلة، يضاف إلى ذلك ما أفرزته الحرب الأفغانية – السوفياتية، من دخول أميركي كاسح إلى ساحة الاستثمار بـ"الجهاد"، الأمر الذي تحول إلى "سُنّة" التزمتها العديد من الدول، إلى حدّ يصعب معه إيجاد دولة إقليمية لم تدعم في مرحلة ما "الجهاديين" في بلد ما، برغم أن الهدف النهائي لمعظم أولئك المدعومين كان إنشاء "خلافة" أو "إمارة إسلامية". قد يسهم ما سبق في تفسير المد الهائل الذي حققته الحركات "الجهادية" في نحو ثلاثة عقود، أي منذ انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان (1989) حتى اليوم. قبل ذلك كان النشاط "الجهادي" محصورًا بنطاقات جغرافية بعينها، وحتى حين كان يتلقى دعمًا عابرًا للحدود (كما في سوريا الثمانينيات) فإن "عولمة الجهاد" لم تكن مطبقة على الأرض، وهذا ينطبق حتى على أفغانستان قبل العام 1982.

المنعطف

كانت سنة 1982 مفصليّةً في سيرورة "الجهاد المُعاصر"، وأسست لـ"ربيع جهادي" ازدهر بعد سنوات في أفغانستان. تلك السّنة كانت لتبدو مجرّد رقم يُضاف إلى عمر "تجربة جهاديّة محليّة" شبيهة مثلاً بتجربة "الطّليعة المقاتلة" في سوريا، لولا أن "سياسة دعم المجاهدين" تغيرت بشكل جذري، فبدلًا من اقتصاره على المال والسّلاح، راجت دعوات "النّفير"، وما لبثت أن تحولت إلى "فتوى" ملزمة أصدرها عبد الله عزام (1943 – 1989، من أهم عرابي الجهاد في أفغانستان) بتأييد من المؤسسة الدينيّة الرسميّة في مصر والسعوديّة بما تمثّلانه من مرجعيّتين وازنتين في العالم الإسلامي. مهّدت التحولات لنهج جديد أصبح نموذجًا يُحتذى في كل التجارب "الجهاديّة" البارزة حتى يومنا. لم تكن دعوة عزّام نُصرة لأفغانستان فحسب، بل كانت تسعى إلى "تجديد الخلافة" انطلاقاً من أفغانستان، فهذه "الفرصة الذهبيّة السّانحة الآن في الأرض كلّها لإقامة حكم الله في الأرض". (كتاب "آيات الرّحمن في جهاد الأفغان"، النّاشر: "المجتمع" - المملكة العربيّة السعوديّة، الطبعة الخامسة 1985 ص 170). لكن ذلك لم يؤثر في سياسة داعمي "الجهاد" الرسميين وعلى رأسهم الإدارة الأميركيّة وحكومات عدد من الدول العربيّة. لم تقتصر جنسيّات "النّافرين" إلى أفغانستان على الدول العربيّة والإسلاميّة، بل تعدّتها إلى دول أوروبيّة، وقد خصّصت مجلّة "البنيان المرصوص"¹ خلال عامي 1989 و1990 زاويةً شبه ثابتة باسم "غرباء على درب الجهاد" لتسليط الضّوء على بعضهم. وعلاوةً على تنوّع الدول التي جاؤوا منها، لم يكن لـ"النّافرين" خصائص اجتماعيّة أو عقائديّة واحدة، أغرت الفكرةُ طلبةً جامعيّين، ومتخصصين أكاديميين، وعمّالًا عاديّين. أغنياء، وفقراء. منجذبين جددًا، وأصحاب تجارب "جهادية" سابقة فشلت في بلادهم (خاصة سوريا ومصر). كما استهوت "الأجواء المثاليّة" عددًا من التنظيمات التي رأت الفرصة سانحةً لإعادة تجميع صفوفها والاستعداد لخوض "جهادها" الخاص في أوطانها متى دقّت السّاعة المناسبة. يقرّ أبو مصعب السّوري مثلًا بأنّ الهدف الذي حمله إلى أفغانستان "كان إعادة بناء تنظيمٍ جهاديّ يعمل على متابعة المشروع الجهادي الذي قام في سوريا 1975 - 1982، ثم أثرت فيَّ أفغانستان، وغيرها من التجارب بعد ذلك إلى الاتجاه الأمميّ الجهادي العالمي (...) وأكتفي بالقول إن المكسب الأكبر للتيار الجهادي من تلك التجربة هو عولمة التيار الجهادي فكريّاً وحركيّاً، وتبادل الفكر والخبرات، والتعارف بين كوادره من البلاد المختلفة، ثم انتشار ذلك في مختلف أقطار الدنيا".

كان لتحقّق الهدف الأميركي في أفغانستان دورٌ مركزي في تعزيز الشّعور بالقدرة على الانتصار في أذهان "الجهاديين"، فقد هزموا واحدةً من القوى العظمى، ونالوا نصيباً من "الشرعيّة الدوليّة"

في صف "الشرعية الدولية"

أدت التجربة الأفغانية إلى تصالح "الجهاديين" مع فكرة "التعاون مع الكفّار" بغية تحقيق "هدف مقدّس"، وتعددت "الفتاوى" التي تبيح ذلك وتبرره بأنه "تسخير إلهي". لقد وُلدت "البراغماتيّة الجهاديّة" هناك، وفُتح الباب لاحقاً لاستخدام "الجهاديين" أداة في يد الدول الكبرى أو الإقليمية حينًا، والأنظمة المحليّة حيناً آخر، وشُرعن "زواج المصلحة". كان لتحقّق الهدف الأميركي في أفغانستان دورٌ مركزي في تعزيز الشّعور بالقدرة على الانتصار في أذهان "الجهاديين"، فقد هزموا واحدةً من القوى العظمى، ونالوا نصيباً من "الشرعيّة الدوليّة". في 10 آذار/مارس 1989 اعترفت السعوديّة بـ"الحكومة المؤقتّة للمجاهدين"، وبعد ثلاثة أيام شارك المجاهدون الأفغان في المؤتمر الإسلامي الثّامن عشر لوزراء الخارجية في الرياض تحت عنوان "دورة الإخاء والتضامن الإسلامي"، وفي ختام أعماله "وبناء على القرار رقم 18/ 18 – س، دعا المؤتمر ممثلي المجاهدين الأفغان إلى شغل مقعد دولة أفغانستان في منظمة المؤتمر الإسلامي" (نقلًا عن البيان الختامي للمؤتمر). في 17 نيسان/أبريل من العام نفسه عيّنت الولايات المتحدة سفيرًا لها لدى حكومة المجاهدين المؤقتّة، وفي 9 شباط/فبراير 1991 "أرسلت حكومة المجاهدين المؤقتّة 300 مجاهد إلى السعوديّة ليكونوا ضمن قوات التحالف الدولي في حرب الخليج"! على ما يؤكده عبد الله أنس (صهر عبد الله عزام، وأحد أهم المؤثرين في التجربة الجهادية وقتها) في الملحق رقم 4 من كتابه "ولادة الأفغان العرب" (دار الساقي – بيروت 2002).

الشتات

بعد الانسحاب السوفياتي بفترة انزلقت أفغانستان إلى حرب أهليّة جديدة، ولم يعرف الشعب الأفغاني "السّلم" الذي وُعد به. كان شمل "الأفغان العرب" قد تلقّى ضربةً موجعةً باغتيال عبد الله عزّام في 24 تشرين الثاني 1989، وعلى هامش الحرب الأهليّة الأفغانيّة كانت الشقاقات تتزايد داخل البيت "الجهادي". لقد أدّى الانسحابُ السوفياتي إلى غياب البوصلة التي كانت تُوحّد المسارات وتدفع إلى تناسي الخلافات أو تأجيلها، ثم فرض التّسابق على السّلطة نفسه. اصطفّ أصحاب الانتماء الإخواني وراء عبد رب الرّسول سيّاف، واستقطب الشيخ جميل الرّحمن الأفغاني أصحاب الهوى السّلفي. تبادل قلب الدين حكمتيار وأحمد شاه مسعود الاتهامات، تسابق الأميركيون والفرنسيّون، السعوديون والباكستانيّون، وبالمحصّلة "لم تعد أفغانستان تلك السّاحة الرّوحيّة التي تطوّع معظم من فيها لدعم القضيّة الأفغانيّة... وكان حكمتيار يتبنّى حملةً دعائيّة ضدّ مسعود متّهمًا إيّاه بأنّه عميلٌ فرنسي..."، وفقًا لعبد الله أنس. بين عامي 1992 و1993 اختار كثيرٌ من "الجهاديين" العرب العودة إلى بلدانهم، فاستُقبلوا بحملات اعتقالات، ووُضع بعضهم في إقامات جبريّة. واختبر معظمهم "غربةً" بعد أن عاشوا تباينًا كبيرًا بين السّطوة التي كانت في أفغانستان، وبين وضعهم الجديد في مجتمعاتهم، ما شكّل دافعاً لالتحاقهم بـ"ثغور الجهاد" المتاحة، ويبدو أن معظم الحكومات رأت في ذلك مُتنفّسًا يخفّف عبء هذه التّركة، فغضّت النّظر عنه، وسهّلته في بعض الحالات. ثمّة شريحة لم تختر العودة إلى الأوطان، فبحثت عن ملاذات أخرى. شكّل السودان خيارًا مثاليًّا. كان عمر حسن البشير قد أحكم قبضته على السلطة بفضل انقلاب 1989 الذي قاده أبرز رموز الحركة الإسلاميّة السودانيّة وقتها حسن الترابي، وعمل الاثنان على استقطاب الإسلاميين بمختلف صنوفهم وجنسياتهم. استهوت دول أخرى أعدادًا أقل ومنها اليمن وتركيا وسوريا، توجّهت بوصلة بعض الجهاديين إلى أوروبّا، وبشكل خاص بريطانيا. كانت المسألة الجزائرية قد دخلت على الخط بقوة منذ العام 1992 وأسّس بعض الجهاديين المحليين "الجماعة الإسلامية المسلحة / GIA" بمساهمة بعض "الأفغان العرب". كذلك اجتذبت الحرب البوسنيّة (1992-1995) شريحةً، واختارت أخرى الانخراط في الحرب الطاجيكيّة (1992-1997) دعمًا لـ"المعارضة الطاجيكيّة المتّحدة". (كان "حزب النهضة الإسلاميّة في طاجيكستان" من أبرز القوى المنضوية في هذا التحالف، وقد تأسّس عام 1991 على أسس مستمدّة من فكر جماعة الإخوان، مطعمةً بالرؤية المودوديّة-القطبيّة للجهاد والحاكميّة). استقطبت الحرب الشيشانيّة الأولى (1994-1996) العدد الأكبر، وحظي هؤلاء بدعم كبير، وبرز السعودي سامر السّويلم (خطّاب) الذي تحوّل إلى رمز مُلهم إلى جانب الشيشاني شامل باساييف، وأسّسا معًا "اللواء الإسلامي الدّولي" عام 1998. بعد عام هاجم "اللواء" ولاية داغستان لدعم "مجلس شورى داغستان" الإسلامي المنادي بالاستقلال. تجدّدت الحرب الشيشانيّة (1999-2002) واستقطبت المزيد من "النافرين"، فالعدو هو روسيا، ما جعلهم يعدونها مُكملة لحربهم ضد "الملاحدة السوفيات". خلال تلك الفترة كانت أفغانستان قد خضعت لحكم تنظيم "طالبان" وأعلنت البلاد إمارة إسلاميّة.

طالبان و"الربيع الجهادي"

وُلدت حركة طالبان عام 1994 بزعامة الملّا محمد عمر في قندهار، وخطّت طريقها سريعًا نحو واجهة الحدث. أعلنت أول الأمر أنّها تسعى إلى "إحلال الأمن"، لكنّها سرعان ما جاهرت بسعيها إلى "إقامة الحكومة الإسلامية على نهج الخلافة الرّاشدة". في نيسان 1996 "بويع" في قندهار الملا عمر، وبات يُعرف بـ "أمير المؤمنين". حظيت الحركة بدعم باكستان التي كانت قد خسرت كثيرًا من نفوذها في خضم تعقّد المشهد ودخول لاعبين إضافيين على الخط مثل الهند، وإيران التي التفتت إلى المسألة بعد أن نفضت غبار حربها الطويلة مع العراق. بين عامي 1996 و2000 بلغت "طالبان" أوج قوّتها وسيطرت على قرابة 95% من مساحة البلاد، و"انتعشت آمال قيادات التنظيمات الجهادية العربيّة باستئناف مسارها، ومتابعة أهدافها في إحياء الجهاد في بلادها من أجل إقامة حكومات إسلاميّة على أنقاضها بحسب تصوراتهم. كما قدمت جموع وكتل جديدة من بلاد عربية متعددة، وولدت كتل وشبه تنظيمات جديدة"، وفق أبو مصعب السوري. كان من أبرز المجموعات التي لاذت بـ"الإمارة" في تلك الفترة "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن، و"جماعة الجهاد المصرية" بزعامة أيمن الظواهري (الزعيم الحالي للقاعدة) وكلاهما بايع الملّا "بيعة إمامة"، و"تجمع مجاهدي الأردن وفلسطين" بزعامة أبو مصعب الزرقاوي (أسس لاحقًا "القاعدة في بلاد الرافدين" وعلى نهجه قام تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق")، و"تجمّع مجاهدي تركستان الشرقيّة" بزعامة أبو محمد التركستاني (ومن رحمه ولد "الحزب الإسلامي التركستاني" في سوريا).

سيناريو مكرر

بعد أحداث 11 أيلول، أعادت واشنطن حساباتها، فأُعلنت "الحرب على الإرهاب"، وشكلت أفغانستان ميدانًا أوّل لها. تكرر المشهد، تشتت "الجهاديون"، عاد البعض إلى أوطانهم، واستُقبلوا بالطريقة ذاتها، بحث البعض عن ميادين جديدة، وكان العراق مسرحًا مغريًا. دخل لاعبون إقليميون جدد على الخط (من أهمهم دمشق)، غرق العراق في دوامة لم يخرج منها حتى اليوم. بعد سنوات انطلق قطار الربيع العربي، كان «الجهاديون» حاضرين لانتهاز فرصة الفوضى في ساحات كثيرة أبرزها سوريا التي عرفت أحداثًا تشبه كثيرًا ما عرفته أفغانستان. لن يتسع المجال لعقد مقارنات تفصيلية، لكن قد تكفي القارئ الفطن إعادة قراءة "السيرة الأفغانية" مع تغيير بعض الأسماء بما يناسب المشهد السوريّ، ومثلًا يقول أبو مصعب السوري "لعبت باكستان الدور الرئيسي ميدانيًّا، فقد امتدت حدودها مع أفغانستان لأكثر من 2200 كيلومتر وحوت عشرات المعابر لوصول الإمدادات ومختلف أشكال الدعم للجهاد الأفغاني، ولعبت استخباراتها العسكرية دورًا رئيسيًّا في ترتيب الأحزاب الجهادية، والإشراف على تشكيل وتوزيع المساعدات المالية والسلاح بينها، وبتقديم الخدمات اللوجستية ومختلف أنواع الدعم الذي كان يصل أحيانًا حدّ مشاركة الجيش الباكستاني في القتال والإسناد بالأسلحة الثقيلة في المعارك الحدودية، وقد رأيتُ ذلك في معارك جلال أباد 1989". فيما يقول عبد الله عزام "قل لي بربّك أين تجد حدودًا تمتدّ 4000 كم مفتوحةً على مصراعيها لمن أرادَ أن يدخلَ أو يخرجَ يحملُ القذائف على كتفه، ومناطق يُباع فيها السلاح والذّخيرة والقذائف ومضادات الدّبابات وألغامُها والرشّاشات كما يُباع الكوسا والباذنجان والبندورة في بلادنا إلا على حدود أفغانستان؟". ولو أنّه عاش ما شهده العراق لاحقًا، ثم سوريا، (وليبيا بدرجة أقل) لحصل على جواب شافٍ! أما "خلافة داعش" التي نشأت وسط هذه الفوضى، فقد عاشت "ربيعها" بضع سنوات تقارب "ربيع إمارة طالبان"، فهل زالت بعدها؟ أم هي في انتظار اللحظة المناسبة لتكرار سيناريو طالبان ذاته؟ ثمة فارق جوهري هنا، هو أن البقاع المؤهلة لاحتضان "قيامة داعش" أكثر بكثير مما كانت تمتلكه طالبان.


¹ كانت "البنيان المرصوص" واحدة من أنشط المطبوعات "الجهاديّة" في الحقبة الأفغانيّة وأطولها استمراراً، شأنها في ذلك شأن مجلة "الجهاد" التي أسّسها عبد الله عزّام. أشرف على "البنيان المرصوص" عبد رب الرّسول سيّاف، وكانت تصدر شهريّاً من بيشاور، وتتلقى التحويلات الماليّة عبر حساب مصرفي في فرع "بنك عمان المحدود (Bank of Oman Limited)" في بيشاور. كان للمجلة وكلاء توزيع معتمدون في السعوديّة، السّودان، الإمارات، الكويت، الأردن، عُمان، والولايات المتحدة (مانهاتن).   

دمشق "ما بعد غزّة": كلّما ضاق الهامشُ اتّسع!

تبدو دمشق للمرّة الأولى شبه محيّدة عن واحدة من أكبر جولات الصراع "العربي ــــ الإسرائيلي"، من دون أن يعني...

صهيب عنجريني
ابتسمي أيتها الدراما

ثمة مسلسلات يَفترض فيها الكاتب الذروة التي يريد من الأحداث أن تصلها، ثم يبدأ في قيادة سلوكيات الشخصيات نح...

صهيب عنجريني
ملف اللجوء السوري سيظل مفتوحًا: ما فعلته السياسة لا يُحلّ بغيرها

لا مصلحة حقيقية لأي طرف بعودة اللاجئين إلى سوريا، وأي حديث عن "عودة طوعية" بلا حل سياسي حقيقي، قائم على ت...

صهيب عنجريني

اقرأ/ي أيضاً لنفس الكاتب/ة